18 - 09 - 2024

تباريح | الدولة القاتلة

تباريح | الدولة القاتلة

(أرشيف المشهد)

  • 5-10-2015 | 23:53

في 2 أغسطس عام 1990 جرت عملية غامضة لاغتيال الدكتور علاء محي الدين المتحدث باسم الجماعة الإسلامية ، وفتح ذلك طوفانا لعمليات العنف لم يتوقف إلا بعد سبع سنوات عصفت باستقرار البلاد ، بعد هذا التاريخ قامت أجهزة الأمن بتصفية ابن لواء شرطة سابق بمدينة نصر ، وقامت الدنيا ولم تقعد ، وشنت مجلة روز اليوسف حملة ضد أجهزة الوزارة تحت عنوان "قتيل الداخلية".

خلال الشهور الثلاثة الأخيرة تصاعدت عمليات التصفية ووصل ضحاياها لأكثر من 40 شخصا ، قيل أنهم إرهابيون أو قياديون في اللجان النوعية لجماعة الإخوان المحظورة ، ولم يفتح تحقيق واحد في ظروف وملابسات هذه المداهمات الأمنية التي تقتل كل الموجودين في شقق سكنية ، دون أن تتمكن من اعتقال شخص واحد منهم جريحا.

وعلى افتراض أن هؤلاء القتلى إرهابيون بالفعل ويحملون سلاحا ، ويفتحون النار على قوات الشرطة التي تتوجه لضبطهم ، أليس من العقل أن تنتظر الشرطة انتهاء اجتماعات اللجان النوعية هذه ، وتقيم كمائن لضبطهم في الشوارع ، خاصة وأنه يتضح من سياق البيانات التي تصدرها الوزارة أنها تعرف هؤلاء وتلاحقهم ، وهل يليق بالشرطة بعد ثورتين أن تصدر أحكام إعدام ميدانية ضد مجموعات ، ثم تنفذها خارج نطاق القانون.

هناك إرهاب نعم ، وهناك خطط يتم إجهاضها ، وهناك جهد ضخم لأجهزة الأمن في حفظ الاستقرار ، لكن ذلك كله لا ينبغي أن يشوه بتصفية جسدية ترتكبها الدولة ضد خصومها مهما كانت خطورتهم ومهما كان حجم جرائمهم.

نجاح الأمن يكمن في إجهاض العنف والإرهاب في مرحلة التخطيط وقبل التنفيذ ، لكن أن تكافح الدولة إرهاب الأفراد والجماعات بإرهاب مقابل من أجهزة الأمن ، فما الفائدة ؟ وما هو الفارق بين من نفذوا جريمة اغتيال النائب العام هشام بركات بمن اغتالوا العشرات في شقة 6 أكتوبر خلال شهر رمضان الماضي ، وشقق منطقة فيصل وأخيرا شقة العجمي مرورا بحوادث تصفية أخرى تصاعدت وتيرتها في الأشهر الثلاثة الماضية.

وكيف تمر هذه الحوادث الجسام دون أن تحقق النيابة في ملابسات مقتل هؤلاء ، وما إن كانوا قتلوا فعلا وهم يقاومون السلطات أم جرى قتلهم بعد اعتقالهم وأخذ بصماتهم على نحو ما يزعم أهل الضحايا ، وأين هي آثار مقاومتهم ؟ كيف يحترفون الإرهاب كما تشي بيانات الداخلية وهم لم يستطيعوا قتل أو إصابة أي من أفراد القوات التي تقوم بتصفيتهم ؟

لم يقم المصريون بثورتين ليعود إرهاب الدولة من جديد ضد خصوم سياسيين أو حتى ضد إرهابيين ، ودور الشرطة هو اعتقال من يهدد الأمن العام حيا وتقديمه لجهاز العدالة ، وإلا فإن كل خصم للدولة سيحوز سلاحا ويقاوم القبض عليه مادام في الحالتين مقتولا.

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!